قصة حدثت ذات يوم ..
ما إن استويت على مقعدي في الطائرة الأجنبية المغادرة من الرياض
إلى إحدى العواصم الأوروبية حتى أقبلت شابة يسير خلفها شاب
ليجلسا إلى جواري، لم يكن يفصل بيني ومقعدها غير الممر الضيق
فيما جلس زوجها على الطرف الآخر ليفصل بينها وبين الراكب الذكوري
الذي يشاركهما مقاعد الوسط!!
ما إن أقلعت الطائرة حتى خلعت «طرحتها» وإن أبقت عباءتها،
فانسدل شعرها لا تكف عن العبث به حتى خفت أن يخطف عيني،
وخلال لحظات ألقت برأسها على صدره واندمج الزوجان في حالة
احتضان حميمية كسرت قلوب الأزواج المجاورين الذين لا يعرفون
حميمية العلاقات الزوجية، وخلعت قلوب العزاب الذين يمنون النفس
بعلاقة زوجية مستقبلية تمتاز بمثل هذه الحميمية!!
سحبت الشابة مجلة المبيعات الجوية وسحب الشاب محفظته
وانتقيا مجموعة من الهدايا التي لم ينتظرا جولة عربة المبيعات
الجوية المعتادة ليطلبا إحضارها من المضيفة، وكانت جائزة الزوج
مزيدا من الحميمية!!
كانا عنوان رحلة شهر عسل، فالزوج الشرقي لا يكون غربيا إلا في
شهر العسل، وبعد ذلك يعيش بهويتين مختلفتين خارج المنزل وداخله،
هذا إذا لم يطغ عليه الشق الجاف من شرقيته بالكامل في الداخل والخارج!!
دعوت الله أن يديم عليهما سعادتهما ويوفقهما ويرزقهما الذرية الصالحة
ولا شك أن جميع الركاب المجاورين فعلوا مثلي، لكن اللحظات الطيبة
لا تدوم كما يقولون، وإن كانت في العادة تدوم أطول من حالة هذين الكناريين!!
بعد تناول الطعام، انشغل كل راكب بنفسه وتهيأ لتقطيع ساعات الرحلة
إما بالنوم أو مشاهدة البرامج الترفيهية، لكن «همهمات» مسموعة
بدأت تصدر عن الزوجين، الهمهمات تحولت إلى صوت مسموع، فقد نشب
خلاف ولا شك، أخذ الشاب يعنف شابته ويعاتبها على أمور مختلفة
ويفرد عضلاته الذكورية على أضلعها الأنثوية، ثم أمرها بأن تعيد لف «طرحتها»،
وعندما قالت له أرجوك اهدأ أنت تجعلنا فرجة للناس صرخ فيها بل
أنت من جعلنا فرجة بسفورك، شعرت بالدهشة، فسفورها استمدته
من سفوره هو عندما سمح لها بأن ترتمي في حضنه وتلقي برأسها
على صدره وتسدل شعرها على وجهه، فما الذي تغير الآن ليتذكر شرقيته؟!
ويبدو أن الزوجة قررت الاعتصام بالصمت فهي أعقل من أن تجادله
وهو الذي لم يعد يكترث لارتفاع صوته فيتحول الركاب المجاورون من
متابعة البرامج الترفيهية على شاشات المقاعد إلى متابعة العرض الحي
على مسرح الطائرة!!
لكن هذا الصمت زاده اشتعالا فأخذ يوجه لها الشتائم ثم يقفز من
مقعده ليذهب إلى مؤخرة الطائرة ليعود مواصلا فاصل الإساءة لزوجته
التي بقيت على اعتصامها بالصمت، وعندما حاول تلطيف الجو بأسئلة
من نوع ليش زعلانة، ليش ما تردين، أيش سويت أنا الحين، كانت كل
محاولاته كارثية لأنها لم تكن ترد عليه وكان يثور أكثر حتى بدأ يلكزها
بكوعه لترد عليه ويضرب بكفه على فخذها بعنف فترد المسكينة
اتقاء لشره.
ثم أمسك بقارورة ماء أو ما أظنه ماء وأفرغها على الأرض قبل أن
يرميها بعنف تحت أقدامها، هنا خشيت أن يتدخل طاقم الخدمة
فتعود الرحلة لتسليمه للسلطات، فشركات الطيران لا تتساهل
مع حالات العنف والفوضى، لكن أحدا من طاقم الخدمة لم يتنبه له.
بعد الهبوط في محطة الوصول هبط معظم الركاب لكن الزوجين غير
السعيدين بقيا لمواصلة الرحلة إلى محطة أخرى، لكن قصتهما
هبطت مع الركاب المجاورين لهما لتشغلهم بالتحليل طيلة وقت
الانتظار في طابور الجوازات!!
لست أكيدا أنهما كانا في رحلة شهر عسل وإلا لكانت الزوجة انهارت نفسيا أو على الأقل ذرفت بعض الدموع على بختها الضائع،
لكنني أكيد من شيء واحد.. أنني كنت أجلس قريبا من أتفه رجل في العالم!!
منقول